للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يحصل له الضراط من شدة ما هو فيه، لأن الواقع في شدة عظيمة؛ من خوف، وغيره تسترخي مفاصله، ولا يقدر على أن يملك نفسه، فينفتح منه مخرج البول والغائط.

ولما كان الشيطان لعنه الله يعتريه شدة عظيمة، وداهية جسيمة عند النداء إلى الصلاة، فيهرب حتى لا يسمع الأذان؛ شبه حاله بحال ذلك الرجل، وأثبت له على وجه الادِّعَاء الضراط الذي ينشأ من كمال الخوف الشديد، وفي الحقيقة ما ثَمَّ ضراط، ولكن يجوز أن يكون له ريح، لأنه روح، ولكن لم تعرف كيفيته. وقال الطيبي: شبه شغل الشيطان نفسه عند سماع الأذان بالصوت الذي يملؤ السمع، ويمنعه عن سماع غيره، ثم سماه ضراطًا تقبيحًا له. انتهى عمدة القاري جـ ٥ ص ١١١.

قال الجامع: ما قاله العيني من نفي الضراط، وأن الكلام خرج مخرج التمثيل فقط، غير صحيح، بل الصواب أن الضراط ثابت كما أثبته هذا الحديث الصحيح، وأيُّ مانع يمنع منه، حتى يصرف النص الصريح عن ظاهره. فتبصر، والله الهادي إلى الصواب.

(حتى لا يسمع التأذين) علة للضراط، أي إنما يفعل ذلك ليشغل نفسه عن سماع الأذان، لئلا يشهد للمؤذن يوم القيامة، لما تقدم برقم (٦٤٤) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - مرفوعًا: "لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة".