تقدم في كون التثويب بدعة كما نقل عن ابن عمر - رضي الله عنهما - هو ما كان بين الأذان والإقامة من قوله: حي علي الصلاة، حي على الفلاح، ونحو ذلك.
ومنها: أن التفكر في الصلاة، والسهو لا يبطلها، وهو إجماع.
المسألة الخامسة: أنه يدل هذا الحديث على أنه كان في زمنه - صلى الله عليه وسلم - يفصل بين الأذان والإقامة بزمن، وذلك دليل على أنه لا يشترط في تحصيل فضيلة إيقاع الصلاة في أول وقتها انطباق أولها على أول الوقت، إذ لو كان كذلك لما واظبوا على ترك هذه الفضيلة، وهذا هو الصحيح المعروف، وقيل: لا يحصل ذلك إلا بأن ينطبق أول التكبيرة على أول الوقت، وهو شاذ، وهذا الحديث يدل على خلافه، قاله في طرح جـ ٢ ص ٢٠٤. والله تعالى أعلم.
المسألة السادسة: أنه يستدل به على استحباب رفع الصوت بالأذان، فإنه ذكر فيه أنه إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان، وله ضراط إلى غاية لا يسمع فيها الأذان، فدل على أنه كلما زاد في رفع صوته زاد الشيطان في الإبعاد، ولا شك في استحباب فعل الأمور التي تبعد الشيطان، وتطرده، وقد دل هذا الحديث على أن زيادة الرفع زيادة له في الإبعاد، إلا أنه يحتمل أن يقال: قوله: "حتى لا يسمع التأذين" ليس غاية للإبعاد في الإدبار، بل غاية للزيادة في الضراط.
والمراد أنه يقصد بما يفعله من ذلك تصميم أذنه عن سماع صوت