والأصل في ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما تركت بعد نفقة نسائي، ومؤنة عاملي، فهو صدقة". انتهى. فقاس المؤذن على العامل، وهو قياس في مصادمة النص، وفتيا ابن عمر التي مرت لم يخالفها أحد من الصحابة، كما صرح بذلك اليعمري.
وقد عقد ابن حبان ترجمة على الرخصة في ذلك، وأخرج عن أبي محذورة أنه قال:"فألقى علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأذان، فأذنت، ثم أعطاني حين قضيت التأذين صرة فيها شيء من فضة". وتقدم للنسائي برقم (٦٣٢)، قال اليعمري: ولا دليل فيه، لوجهين:
الأول: أن قصة أبي محذورة أول ما أسلم، لأنه أعطاه حين علمه الأذان، وذلك قبل إسلام عثمان بن أبي العاص، فحديث عثمان
متأخر.
الثاني: أنها واقعة، يتطرق إليها الاحتمال، وأقرب الاحتمالات فيها أن يكون من باب التأليف، لحداثة عهده بالإسلام، كما أعطى حينئذ غيره من المؤلفة قلوبهم، ووقائع الأحوال إذا تطرق إليها الاحتمال سلبها الاستدلال، لما يبقى فيها من الإجمال. انتهى.
قال الشوكاني -رحمه الله-: وأنت خبير بأن هذا الحديث لا يَرِدُ على من قال: إن الأجرة إنما تحرم إذا كانت مشروطة، لا إذا أعطيها بغير مسألة، والجمع بين الحديثين بمثل هذا حسن. انتهى. نيل الأوطار جـ ٢ ص ١٣١ - ١٣٢.