فأخرجه البخاري في "الصلاة" عن عبد الله بن يوسف- ومسلم فيه عن يحيى بن يحيى، وأبو داود فيه عن القعنبي، والترمذي فيه عن قتيبة، وعن إسحاق بن موسى، عن معن، وابن ماجه فيه عن أبي بكر ابن أبي شيبة، وأبي كريب، كلاهما عن زيد بن الحباب- كلهم عن مالك به. والله تعالى أعلم.
المسألة الرابعة: اختَلَفَ أهل العلم في حكم إجابة المؤذن بالقول:
فذهبت طائفة إلى وجوبه، لظاهر الأمر، حكى ذلك الطحاوي عن قوم من السلف، وبه قالت الحنفية، وأهل الظاهر، وابن وهب.
وذهب الجمهور إلى عدم الوجوب. قال الحافظ: واستدلوا بحديث مسلم، وغيره: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع مؤذنًا، فلما كبر، قال: على الفطرة، فلما تشهد، قال: خرج من النار"، قالوا: فلما قال - صلى الله عليه وسلم - غير ما قال المؤذن علمنا أن الأمر بذلك للاستحباب.
ورد بأنه ليس في الرواية أنه لم يقل مثل ما قال، وباحتمال أنه وقع ذلك قبل الأمر بالإجابة، واحتمال أن الرجل الذي سمعه النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤذن لم يقصد الأذان. وأجيب بأنه وقع في بعض طرق الحديث أنه حضرته الصلاة. انتهى. "فتح" جـ ٢ ص ١١٠.
قال الجامع: عندي أن مذهب القائلين بالوجوب هو الراجح، لظاهر الأمر، وقد عرفت أنه ليس له صارف صريح عن الوجوب. والله أعلم.