البيوت، فمعنى حديثها من حدثكم أنه بال قائما في البيت لا تصدقوه، ومعنى حديث حذيفة أنه بال قائما في الصحراء كما تقدم أنه كان ذلك في سُباطة قوم.
الثاني: قول بعضهم إن حديث حذيفة أرجح من حديثها؛ لأن في حديثها شريكا القاضي وهو متكلم فيه بسوء الحفظ ولا عبرة بتصحيح الحاكم له لكونه متساهلا كما قدمناه.
قال الجامع: تقدم الجواب عن هذا القول قريبا. فتنبه.
الثالث: قول الترمذي: إن معنى النهي عن البول قائما على التأديب، لا على التحريم، وقد روي عن عبد الله بن مسعود قال: إن من الجفاء أن تبول وأنت قائم. اهـ جـ ١/ ص ٦٨ بشرح المباركفوري.
الرابع: أن حديث الباب ناسخ لحديث حذيفة، وإليه ذهب أبو عوانة في صحيحه وابن شاهين ورد هذا الحافظ في الفتح.
الخامس: قول بعضهم: إن حديث حذيفة محمول على العذر، فقيل لعدم مكان للجلوس لامتلاء الموضع بالنجاسة، وقيل: لكون ما يقابله من السباطة عاليا ومن خلفه منحدرا مستقلا لو جلس مستقبل السُّباطة سقط إلى خلفه، ولو جلس مستدبرًا لها بَدَت عورته للناس.
وقيل: لأنه حالة يؤمن معها خروج الريح بصوت، ففعل ذلك لكونه قريبا من الدار، ولذا قال عمر رضي الله عنه "البول قائما أحصن للدبر" رواه عبد الرزاق، وقيل: لأن العرب كانت تستشفي لوجع الصلب بذلك.
والأظهر: أنه فعله لبيان الجواز، وكان أكثر أحواله البول عن قعود، قاله الحافظ رحمه الله، وتقدم بيان هذا في باب الرخصة في ترك ذلك. ١٧/ ١٨. والله ولي التوفيق.