البناء وتطويله، كما قال البغوي. وفيه رد على من حمل قوله تعالى:{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ}[النور: ٣٦] على رفع بنائها، وهو الحقيقة، بل المراد أن تعظم, فلا يذكر فيها الخَنَا من الأقوال، وتطييبها من الأدناس والأنجاس، ولا ترفع فيها الأصوات. انتهى.
وقول ابن عباس - رضي الله عنه -: لتزخرفنها. . . إلخ موقوف، كما رواه ابن حبان، لكنه في حكم المرفوع؛ لأن مثل هذا لا يكون من قبل الرأي.
وقوله: كما زخرفت اليهود والنصارى. يريد أن اليهود والنصارى زخرفوا معابدهم عندما حرفوا وبدلوا وتركوا العمل بما في كتبهم، فكانه يقول: أنتم تصيرون إلى مثل حالهم، إذا طلبتم الدنيا بالدين، وتركتم الإخلاص في العمل، وصار أمركم إلى المراءاة بالمساجد، والمباهاة بتشييدها، وتزيينها. والله تعالي أعلم.
المسألة الخامسة: في أقوال أهل العلم في حكم تشييد المساجد وزخرفتها:
أخرج البخاري في صحيحه عن ابن عمر - رضي الله عنه -: "أن المسجد كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مبنيًا باللبن، وسَقْفه الجريد، وعَمَده خشب النخل، فلم يزد فيه أبو بكر شيئًا، وزاد فيه عمر، وبناه على بنيانه في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باللبن والجريد، وأعاد عَمَدَه خشبًا، ثم غَيَّره عثمان، فزاد فيه زيادة كثيرة، وبنى جداره بالحجارة المنقوشة