وقيد ابن بطال عنه ذلك بالطواف الواجب. وإطلاق الترمذي عن مالك تجويز النافلة تبعه عليه ابن العربي، فيحتمل أنه مقيد بما حكيته، ويحتمل أن الرواية عن مالك في ذلك مختلفة.
وقد حكي عن عطاء بن أبي رباح تجويز النفل فيها، دون الفرض، فإن كان يقول به على إطلاقه، فهو مذهب ثالث في المسألة.
وفيها مذهب رابع، وهو منع الصلاة فيها مطلقًا. حكاه القاضي عياض، عن ابن عباس، وهو أحد القولين عن مالك، كما حكاه ابن العربي، وقال به من أصحابه أصبغ، وحكاه ابن بطال عن محمد بن جرير الطبري، وبه قال بعضى الظاهرية.
وتمسك هؤلاء بأن الله أمر باستقباله، والمصلي فيه مستدبر لبعضه.
وروى الأزرقي أن ابن عباس قال لسماك الحنفي: ائتم به كله، ولا تجعلن شيئًا منه خلفك. قال ابن عبد البر: لا يصح في هذه المسألة إلا أحد قولين، إما الصحة مطلقًا، أو الفساد مطلقًا، والصواب عندي قول الصحة مطلقًا، ثم بسط ذلك.
وفيه مذهب خامس: وهو أن التفريق بين الفرض والنفل إنما في الاستحباب، فلو صلى الفرض فيها صح، وارتكب خلاف الأولى.
ومذهب سادس: وهو التفريق في الفرض بين التعمد والنسيان، فيصح مع النسيان دون التعمد. وتردد الشيخ تقي الدين في شرح العمدة عن مالك، فقال: كره الفرض، أو منعه، وعلل تجويز النفل