(فإِن قلت): كيف الجمع بين إثبات بلال ونفي أسامة مع دخولهما مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في مرة واحدة؟
قلت: أجيب عنه بأوجه:
أحدها: قال النووي في شرح مسلم: وأما نفي أسامة فسببه أنهم لما دخلوا الكعبة أغلقوا الباب، واشتغلوا بالدعاء، فرأى أسامة النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو، ثم اشتغل أسامة بالدعاء في ناحية من نواحي البيت، والنبي - صلى الله عليه وسلم - في ناحية أخرى، وبلال قريب منه، ثم صلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فرآه بلال لقربه، ولم يره أسامة لبعده واشتغاله، وكانت صلاته خفيفة، فلم يرها أسامة، لإغلاق الباب مع بعده واشتغاله بالدعاء، وجاز له نفيها عملًا بظنه، وأما بلال فتحققها، فأخبر بها.
الثاني: أنه يحتمل أن يكون أسامة غاب عنه بعد دخوله لحاجة، فلم يشهد صلاته، أجاب به الشيخ محب الدين الطبري. أفاده في الطرح. جـ ٥ ص ١٣٥.
قال الحافظ: ويشهد له ما رواه أبو داود الطيالسي في مسنده , عن ابن أبي ذئب، عن عبد الرحمن بن مهران، عن عمير مولى ابن عباس، عن أسامة، قال:"دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الكعبة، فرأى صورًا، فدعا بدلو من ماء، فأتيته به، فضرب به الصور"، فهذا إسناد جيد. قال القرطبي: فلعله استصحب النفي لسرعة عوده. انتهى.