وهو مفرع على أن هذه القصة وقعت عام الفتح، فإن لم يكن، فقد روى عمر بن شبة في كتاب مكة، من طريق علي بن بَذيمَةَ، وهو تابعي، وأبوه -بفتح الموحدة، ثم معجمة، بوزن عظيمة- قال:"دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - الكعبة، ودخل معه بلال، وجلس أسامة على الباب، فلما خرج وجد أسامة، قد احتبى، فأخذ بحبوته، فحلها". . . الحديث، فلعله احتبى، فاستراح، فنعس، فلم يشاهد صلاته، فلما سئل عنها نفاها، مستصحبًا للنفي، لقصر زمن احتبائه، وفي كل ذلك إنما نفى رؤيته، لا ما في نفس الأمر. هذا جمع بطريقة الترجيح.
ومنهم من جمع بينهما بغير ترجيح أحدهما على الآخر. وذلك من أوجه:
أحدها: حمل الصلاة المثبتة على اللغوية، والمنفية على الشرعية، وهذه طريقة من يكره الصلاة داخل الكعبة، فرضًا ونفلًا، وقد تقدم البحث فيه. ويرد هذا الحمل ما تقدم في بعض طرقه، من تعيين قدر الصلاة، فظهر أن المراد بها الشرعية، لا مجرد الدعاء.
ثانيها: قال القرطبي: يمكن حمل الإثبات على التطوع، والنفي على الفرض، وهذه طريقة المشهور من مذهب مالك، وقد تقدم
البحث فيها.
ثالثها: قال المهلب شارح البخاري: يحتمل أن يكون دخول البيت وقع مرتين، صلى في إحداهما, ولم يصل في الأخرى.