والهاء في أدركنه ضمير الثور الوحشي، والنون في أدركنه ضمير الكلاب. أي أدركت الكلاب الثور، فأخذن بساقه ونساه، وشَبْرَقَتْ جلده، كما شبرق ولدان النصارى ثوب الراهب المُقَدَّسِي، وهو الذي جاء بيت المقدس، فقطعوا ثيابه تبركًا بها، والشَّبْرَقَة: تقطيع الثوب، وغيره.
والقُدْس والقُدُس: الطهر، اسم ومصدر، ومنه قيل للجنة: حظِيرةَ القدس. والتقديس: التطهير، والأرض المقدسة: المطهرة.
وقال الواحدي في أول سورة البقرة: البيت المقدس -يعني بالتخفيف-: المطهر، قال: وقال أبو علي: وأما بيت المقدس -يعني بالتخفيف- فلا يخلو، إما أن يكون مصدرًا، أو مكانًا، فإن كان مصدرًا كان كقوله تعالى:{إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ}[يونس: ٤]، ونحوه من المصادر، وإن كان مكانًا، فالمعنى: بيت المكان الذي جعل فيه الطهارة، أو بيت مكان الطهارة. وتطهيره على معنى إخلائه من الأصنام، وإبعاده منها. وقال الزجاج: البيت المقدس، أي المكان المطهر، وبيت المقدس، أي المكان الذي يطهر فيه من الذنوب. هذا ما ذكره الواحدي.
وقال غيره: البيت المقدس، وبيت المقدس, لغتان: الأولى على الصفة، والثانية على إضافة الموصوف إلى صفته، كصلاة الأولى، ومسجد الجامع. انتهى. كلام النووي جـ ٤ ص ١٠٩، بزيادة من "لسان العرب". والله تعالى أعلم.