الرحال إلى موضع، ولازمه منع السفر إلى كل موضع غيرها؛ لأن المستثنى منه في المفرغ مقدر بأعم العام. قال الحافظ: لكن يمكن أن يكون المراد بالعموم هنا الموضع المخصوص، وهو المسجد، كما سيأتي. انتهى.
قال الجامع: والأول أولى.
(مسجد الحرام) بالجر على البدلية، ويجوز الرفع على الاستئناف، أي أحدها المسجد الحرام، كما في رواية أخرى، فهو من إضافة الموصوف إلى الصفة، وهو مذهب الكوفيين، والبصريون يمنعونه، ويتأولون ما ورد من ذلك بإضمار مضاف، كما تقدم الكلام عليه.
وفي الفتح: قوله: المسجد الحرام، أي المحرم، وهو كقولهم الكتاب، بمعنى المكتوب، والمراد به جميع الحرم، وقيل: يختص بالموضع الذي يصلى فيه، دون البيوت، وغيرها من أجزاء الحرم.
وقال الطبري: ويتأيد بقوله: "مسجدي هذا" لأن الإشارة فيه إلى مسجد الجماعة، فينبغي أن يكون المستثنى كذلك. وقيل: المراد به الكعبة. حكاه المحب الطبري، وذكر أنه يتأيد بما رواه النسائي بلفظ "إلا الكعبة"، وفيه نظر؛ لأن الذي عند النسائي "إلا مسجد الكعبة" حتى ولو سقطت لفظة مسجد لكانت مرادة، ويؤيد الأول ما رواه الطيالسي من طريق عطاء أنه قيل له: هذا الفضل في المسجد وحده، أو في الحرم؟ قال: بل في الحرم؛ لأنه كله مسجد. انتهى ما في "الفتح" جـ ٣ ص ٧٧ - ٧٨.