الشيخ أبو محمد الجويني: يحرم شد الرحال إلى غيرها، عملًا بظاهر هذا الحديث، وأشار القاضي حسين من الشافعية إلى اختياره، وبه قال عياض وطائفة.
ويدل عليه ما يأتي للمصنف في الجمعة (٤٥/ ١٤٣٠) من إنكار بصرة بن أبي بصرة الغفاري - رضي الله عنه - على أبي هريرة رضي الله عنه، حين لقيه راجعًا من الطور، وكان قد أتى إليه ليصلي فيه، فقال له: لو لقيتك من قبل أن تأتيه لم تأته، قال أبو هريرة: وَلمَ؟ قال: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"لا تُعْمَلُ المطي إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي، ومسجد بيت المقدس". . . الحديث. فاستدل به بصرة على إنكاره إتيانه الطور، فدل على أنه يرى حمل الحديث على عمومه، ووافقه أبو هريرة.
قال في "الفتح": والصحيح عند إمام الحرمين وغيره من الشافعية أنه لا يحرم، وأجابوا عن حديث الباب بأجوبة: منها أن المراد أن الفضيلة التامة إنما هي في شد الرحال إلى هذه المساجد، بخلاف غيرها، فإنه جائز، وقد وقع في رواية لأحمد بلفظ "لا ينبغي للمطي أن تعمل"، وهو لفظ ظاهر في غير التحريم.
قال الجامع عفا الله عنه: فيه نظر، إذ هو ظاهر في المنع والتحريم، فقد كثر استعمال الشرع له في ذلك، قال الله تعالى:{وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ}[يس: ٦٩]، وكما في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عند البخاري "شتمني ابن آدم، وما ينبغي له أن