(فخرجنا) أي من المدينة (حتى قدِمنا) بكسر الدال (بلدنا) أي اليمامة (فكسرنا بِيعَتَنَا، ثم نضحنا مكانها) أي محل البيعة بذلك الماء، (واتخذْناها مسجدًا) أي جعلنا البيعة محل صلاة (فنادينا فيه) أي في ذلك المسجد (بالأذان، قال) طلق رضي الله عنه (والراهب رجل من طيئ) والراهب اسم فاعل مِنْ رَهِبَ، رَهَبًا، من باب تَعِبَ: إِذَا خاف، والاسم الرَّهْبَةُ، وجمع الراهبَ: رُهْبَان -بضم، فسكون- وربما قيل: رَهَابين -بفتحتين- وَتَرهَّبَ الراهب: انقطع للعبادة. أفاده في المصباح.
والمعنى أن الرجل الذي انقطع للعبادة في تلك البِيعَة كان من قبيلة طيىء.
(فلما سمع الأذان، قال: دعوة حق) خبر لمحذوف، أي هذه الكلمات دعوة حق.
ثم إنه يحتمل أنه آمن، وإنما ذهب إلى التلاع طلبًا للبعد عن الناس لئلا يشغلوه عن عبادته، ويحتمل أنه على دينه، وإنما قال ذلك اعترافًا يكون الأذان دعوة حق، كما قال الله تعالى:{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}[البقرة: ١٤٦]. وهذا هو الظاهر؛ لأنه يدل عليه هروبه إلى التلعة. والله أعلم.