قال أنس - رضي الله عنه - (كأني أنظر إِلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي أنه مستحضر الآن لتلك الهيئة، وأراد بذلك تأكيد خبره بأنه لم ينس منه شيئًا، بل كأنه ينظر إليهم الآن، وهم على الهيئة المذكورة (على راحلته) جار ومجرور متعلق بحال مقدر من رسول الله، أي حال كونه راكبًا على راحلته.
والراحلة: المركب من الإبل، ذكرًا كان أو أنثى، وبعضهم يقول: الراحلة: الناقة التي تصلح أن تُرْحَلَ، وجمعها رواحل. قاله الفيومي.
وراحلته - صلى الله عليه وسلم - هذه أخذها من أبي بكر - رضي الله عنه - في الهجرة، وذلك أن أبا بكر جهز للهجرة راحلتين، لما قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أرجو أن يؤذن لي" يعني في الهجرة، فعلفهما ورق السمر أربعة أشهر، فلما أذن له - صلى الله عليه وسلم - في الهجرة، قال أبو بكر: فخذ بأبي أنت يا رسول الله، إحدى راحلتي هاتين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بالثمن"، فأخذها به.
قال الحافظ: وأفاد الواقدي أن الثمن ثمانمائة، وأن التي أخذها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أبي بكر هي القصواء، وأنها كانت من نعم بني قشير، وأنها عاشت بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - قليلًا، وماتت في خلافة أبي بكر، وكانت مرسلة ترعى بالبقيع، وذكر ابن إسحاق أنها الجذعاء، وكانت من إبل بني الحريش، وكذا في رواية أخرجها ابن حبان من طريق هشام، عن أبيه، عن عائشة أنها الجذعاء. انتهى. "فتح" جـ ٧ ص ٢٧٧ - ٢٧٨.