ومنها: حديث أنس رضي الله عنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"لولا أن تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر" رواه مسلم.
"المسألة الثامنة": في الحديث دلالة على نجاسة بول الإنسان قليله وكثيره، وهو مذهب عامة الفقهاء، وليس فيه دليل على نجاسة بول الحيوان مطلقا من مأكول اللحم وغيره كما ذهب إليه الشافعي والحنفية ونسبه ابن حزم لجماعة من السلف.
قال الحافظ في الفتح: قال ابن بطال: أراد البخاري أن المراد بقوله في رواية الباب "كان لا يستتر من البول" بول الناس، لا بول سائر الحيوان، فلا يكون فيه حجة لمن حمله على العموم في بول جميع الحيوان، وكأنه "يعني ابن بطال" أراد الرد على الخطابي حيث قال فيه دليل على نجاسة الأبوال كلها، ومحصل الرد أن العموم في رواية "من البول" أريد به الخصوص، لقوله في الرواية الأخرى "من بوله" أو الألف واللام عوض عن الضمير، لكن يلتحق ببوله بول من هو في معناه من الناس لعدم الفارق، وكذا غير المأكول، وأما المأكول فلا حجة في هذا الحديث لمن قال بنجاسة بوله ولمن قال بطهارته حجج أخرى اهـ بتصرف، المنهل جـ ١/ ص ٨٢.
وقال العلامة الشوكاني رحمه الله، بعد ما ذكر ما نقلناه عن الفتح ما نصه:
والظاهر طهارة الأبوال والأزبال من كل حيوان يؤكل لحمه تمسكا بالأصل، واستصحابا للبراءة الأصلية، والنجاسةُ حكم شرعي ناقل عن الحكم الذي يقتضيه الأصل والبراءة فلا يقبل قول مدعيها إلا بدليل يصلح للنقل عنهما، ولم نجد للقائلين بالنجاسة دليلا كذلك، وغاية ما جاؤا به حديث صاحب القبر، وهو مع كونه مرادا به الخصوص كما