لكن لما صح أن عمر وعثمان كانا يفعلان ذلك دل على أنه ليس خاصًا به -صلى الله عليه وسلم-، بل هو جائز مطلقًا، فإذا تقرر هذا صار بين الحديثين تعارض، فيجمع بينهما، فذكر نحو ما ذكره الخطابي.
قال الحافظ: وفي قوله عن حديث النهي: ليس في الكتب الصحاح إغفال، فإن الحديث عند مسلم في اللباس من حديث جابر، وفي قوله:"فلا يؤخذ منه الجواز" نظر؛ لأن الخصائص لا تثبت بالاحتمال، والظاهر أن فعله -صلى الله عليه وسلم-، كان لبيان الجواز، وكان ذلك في وقت الاستراحة، لا عند مُجْتَمَع الناس، لما عرف من عادته من الجلوس بينهم بالوقار التام.
قال الخطابي رحمه الله: وفيه جواز الاتكاء في المسجد، والاضطجاع، وأنواع الاستراحة. وقال الداودي رحمه الله: فيه أن الأجر الوارد للاَّبِث في المسجد لا يختص بالجالمس، بل يحصل للمستلقي أيضًا. اهـ. "فتح" جـ ٢ ص ١٤٠.
قال البخاري رحمه الله: وعن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، قال: كان عمر وعثمان يفعلان ذلك -يعني الاستلقاء في المسجد، ووضع الرجل على الأخرى-. والله تعالى أعلم، وهو المستعان، وعليه التكلان.