المسألة الرابعة: تقدم في رواية أبي داود تعليل النهي عن البصاق في اليمين بأن فيه ملكًا، قال الحافظ رحمه الله: فإن قلنا: المراد بالملك الكاتب، فقد يستشكل اختصاصه بالمنع مع أن عن يساره ملكًا آخر، وأجيب باحتمال اختصاص ذلك بملك اليمين تشريفًا له وتكريمًا. هكذا قال جماعة من القدماء، ولا يخفى ما فيه.
وأجاب بعض المتأخرين بأن الصلاة أم الحسنات البدنية، فلا دخل لكاتب السيئات فيها، ويشهد له ما رواه ابن أبي شيبة من حديث أبي أمامة في هذا الحديث:"فإنه يقوم بين يدي الله، وملكه عن يمينه، وقرينه عن يساره" اهـ. فالتفل حينئذ إنما يقع على القرين، وهو الشيطان، ولعل ملك اليسار حينئذ يكون بحيث لا يصيبه شيء من ذلك، أو أنه يتحول في الصلاة إلى اليمين. والله أعلم. اهـ. "فتح" جـ ٢ ص ٧٤. والله تعالى أعلم.
المسألة الخامسة: أطلق في هذا الحديث الإذن في أن يبصق عن يساره، وهو محمول على ما إذا كان جهة يساره فارغًا من المصلين بدليل ما يأتي للمصنف في الباب التالي -من حديث طارق بن عبد الله المحاربي في هذا الحديث، فقال:"ولكن تلقاء يساره إن كان فارغًا، أو تحت قدمه اليسرى".
قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وكذا يدل عليه قوله في بعض طرق حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند مسلم: "فليتنخع عن