للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد قال الإمام أحمد في الجمع بين الأختين بملك اليمين: أكرهه، ولا أقول: هو حرام، ومذهبه تحريمه، وإنما تورع عن إطلاق لفظ التحريم، لأجل قول عثمان، وقال في رواية أبي داود: يستحب ألا يدخل الحمام إلا بمئزر له، وهذا استحبابُ وجوب، وقال في رواية إسحاق بن منصور: إذا كان أكثر مال الرجل حراما، فلا يعجبني أن يؤكل ماله، وهذا على سبيل التحريم. وقال في رواية ابنه عبد الله لا يعجبني أكل ما ذبح للزهرة والكواكب، ولا الكنيسة، وكل شيء ذبح لغير الله، قال الله عز وجل {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [المائدة: آية ٣] فتأمل كيف قال لا يعجبني فيما نص الله سبحانه على تحريمه، واحتج هو أيضا بتحريم الله له في كتابه، وقال في رواية الأثرم: أكره لحوم الجلالة وألبانها، وقد صرح بالتحريم في رواية حنبل وغيره، وقال في رواية ابنه عبد الله: أكره أكل لحم الحية والعقرب، لأن الحية لها ناب، والعقرب لها حُمَة، ولا يختلف مذهبه في تحريمه.

وذكر ابن القيم أشياء من هذا النحو من كلام أحمد، قال: وهذا في أجوبته أكثر من أن يستقصى وكذلك غيره من الأئمة.

وقد نص محمَّد بن الحسن إن كل مكروه فهو حرام، إلا أنه لما لم يجد فيه نصا قاطعا لم يُطلق عليه لفظ الحرام، وروى محمَّد أيضا عن أبي حنيفة وأبي يوسف أنه إلى الحرام أقرب، وقد قال في الجامع الكبير: يكره الشرب في آنية الذهب والفضة للرجال والنساء ومراده التحريم، وكذلك قال أبو يوسف ومحمد: يكره النوم على فرش الحرير، والتوسد على وسائده، ومرادهما التحريم إلى أن قال وهذا كثير في كلامهم جدًا.

قال: وأما أصحاب مالك فالمكروه عندهم مرتبة بين الحرام والمباح،