"المسألة السادسة": في هذا الحديث النهي عن البول في الماء الراكد، وقد أخذ داود بن علي الظاهري بظاهره، وقال: النهي مختص بالبول، والغائط ليس كالبول، ومختص ببول الإنسان نفسه، وجاز لغير البائل أن يتوضأ بما بال فيه غيره، وجاز أيضا للبائل إذا بال في إناء، ثم صبه في الماء أو بال بقرب الماء، ثم جرى إليه، وهذا من أقبح ما نقل عنه. أفاده العيني جـ ٣/ ص ٥٠، وقد نصر قول داود ابن حزم في المحلى. أفاده في النيل.
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله بعد أن ذكر كلاما طويلا ما نصه:
وبهذا الطريق يُعلم أنه إذا كان - صلى الله عليه وسلم - قد نهى عن البول في الماء الدائم مع أنه قد يحتاج إليه فلأن يَنهى البول في إناء، ثم يصبه فيه بطريق أولى. ولا يستريب في هذا من علم حكمة الشريعة، وما اشتملت عليه من مصالح العباد ونصائحهم.
ودع الظاهرية البَحتَة، فإنها تقسي القلوب وتحجبها عن رؤية محاسن الشريعة وبهجتها، وما أودعته من الحكم، والمصالح، والعدل، والرحمة. اهـ تهذيب السنن جـ ١/ ص ٦٦.
"المسألة السابعة": احتج بهذا الحديث أحمد على أن بول الآدمي، وما في معناه من العذرة ينجس الماء الراكد وإن كان أكثر من قلتين وأنَّ غير ذلك من النجاسات يعتبر فيه القلتان، فلم يُعَدِّ حكم البول والعَذرة إلى غيرهما من النجاسات.
قال ابن دقيق العيد: وكأنه رأى الخبث المذكور في حديث القلتين عاما بالنسبة إلى الأنجاس، وهذا الحديث خاص بالنسبة إلى بول الآدمي، فقدم الخاص على العام بالنسبة إلى الأنجاس الواقعة في الماء
الكثير، وأخرج بول الآدمي وما في معناه من جملة النجاسات الواقعة في