للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومنها: كمال شفقته -صلى الله عليه وسلم-، ورأفته بأمته، حيث أرشدهم إلى ما يصلحهم، وهو التمسك من الأعمال بما يمكنهم الدوام عليه بلا مشقة ولا ضرر، فتكون النفس أنشط، والقلب منشرحاً، فتتم العبادة، بخلاف من تعاطى من الأعمال ما يشق عليه، فإنه بصدد أن يتركه أو بعضه، أو يفعله بكلفة، وبغير انشراح القلب، فيفوته خير عظيم، وقد ذم الله سبحانه وتعالى من اعتاد عبادة، ثم أفرط فيها، فقال تعالى: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} [الحديد: ٢٧] الآية. وقد نَدِمَ عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما على تركه قبول رخصة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (١).

المسألة الخامسة: في بيان اختلاف أهل العلم في جواز الاقتداء مع وجود الحائل بين الإمام والمأموم.

قال الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه: (باب إذا كان بين الإمام وبين القوم حائط، أو سترة): وقال الحسن: لا بأس أن تصلي وبينك وبينه نهر. وقال أبو مِجْلَز: يأتم بالإمام وإن كان بينهما طريق أو جدار، إذا سمع تكبير الإمام. انتهى (٢).

قال العلامة العيني رحمه الله: وجواب "إذا" محذوف، تقديره: لا يضر ذلك. والمسألة فيها خلاف، ولكن ما في الباب يدل على أن ذلك


(١) أفاده في شرح مسلم جـ ٦ ص ٧١.
(٢) صحيح البخاري جـ ١ ص ١٨٥ - ١٨٦.