للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأصل الكلام: وألكلكم، لكن قدم الاستفهام؛ لأن له صدر الكلام. ومذهب الزمخشري في مثل هذا أن العطف على محذوف بعد الهمزة، دل عليه المعطوف، ولا تقديم، ولا تأخير، فالتقدير هنا أكلكم أغنياء، ولكلكم ثوبان. ومذهب الجمهور أولى، كما حققه ابن هشام الأنصاري في "مغني اللبيب" (١).

وقال الكرماني رحمه الله: فإن قلت: ما المعطوف عليه بالواو؟ قلت: مقدر، أي أأنت سائل عن مثل هذا الظاهر، ومعناه لا سؤال عن أمثاله، ولا ثوبين لكلكم، إذ الاستفهام مفيد لمعنى النفي بقرينة المقام، وهذا التقدير على سبيل التمثيل. انتهى.

وقال النووي رحمة الله: ومعنى الحديث: أن الثوبين لا يقدر عليهما كل أحد، فلو وجبا لعجز من لا يقدر عليهما عن الصلاة، وفي ذلك حرج، وقد قال الله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (٢) [الحج: ٧٨].

وقال الطحاوي رحمه الله: معناه لو كانت الصلاة مكروهة في الثوب الواحد لكرهت لمن لا يجد إلا ثوباً واحداً. انتهى. قال الحافظ رحمه الله: وهذه الملازمة في مقام المنع، للفرق بين القادر وغيره، والسؤال إنما كان عن الجواز وعدمه، لا عن الكراهة. انتهى (٣).


(١) مغني اللبيب جـ ١ ص ١٤ - ١٥.
(٢) شرح مسلم جـ ٤ ص ٢٣١.
(٣) فتح جـ ٢ ص ١٩.