والحاصل أن الأصل عدم اشتراط العدالة، وأن كل من صحت صلاته لنفسه صحت صلاته لغيره. فالقائل بأن العدالة شرط، كما روي عن العترة، ومالك، وجعفر بن مبشر، وجعفر بن حرب محتاج إلى دليل، ينقل عن ذلك الأصل.
ثم إن محل النزاع إنما هو في صحة الصلاة خلف من لا عدالة له، وأما أنها مكروهة فلا خلاف في ذلك. انتهى كلام الشوكاني رحمه الله تعالى في نيله باختصار (١).
قال الجامع عفا الله عنه: كلام العلامة الشوكاني رحمه الله كلام نفيس جدّاً.
وحاصله جواز الصلاة خلف من صحت صلاته لنفسه من كل بالغ مسلم، وإن كانت سيرته غير محمودة؛ لأن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانوا يصلون خلف من لا يحمدون سيرته من السلاطين وغيرهم، كما صرح به الشافعي رحمه الله تعالى فيما سبق، وهو الذي عليه جمهور السلف والخلف، فتصح الصلاة خلف أئمة الجَوْر، وأهل الأهواء الذين لا يكفّرون بأهوائهم، وإن كان الأولى الصلاة خلف الأئمة الصلحاء. والله تعالى أعلم، وهو الهادي إلى الطريق الأقوم.
إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب.