للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثم إن الهجرة المقدم بها في الإمامة لا تختص بالهجرة في عصره -صلى الله عليه وسلم-، بل هي التي لا تنقطع إلى يوم القيامة، كما وردت بذلك الأحاديث، وقال به الجمهور. وأما حديث: "لا هجرة بعد الفتح". فالمراد به الهجرة من مكة إلى المدينة، أو لا هجرة بعد الفتح فضلها كفضل الهجرة قبل الفتح. وهذا لابد منه للجمع بين الأحاديث. قاله الشوكاني رحمه الله (١).

وقال النووي رحمه الله تعالى: قال أصحابنا: يدخل فيه طائفتان:

أحدهما: الذين يهاجرون اليوم من دار الكفر إلى دار الإسلام، فإن الهجرة باقية إلى يوم القيامة عندنا، وعند جمهور العلماء. وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا هجرة بعد الفتح"؛ أي لا هجرة من مكة؛ لأنها صارت دار إسلام، أو لا هجرة فضلها كفضل الهجرة قبل الفتح.

الطائفة الثانية: أولاد المهاجرين إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإذا استوى اثنان في الفقه والقراءة، وأحدهما من أولاد من تقدمت هجرته، والآخر من أولاد من تأخرت هجرته قدم الأول. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: وفي الاستدلال بحديث الباب على الطائفة الثانية بُعْد لا يخفى.


(١) نيل جـ ٤ ص ٥٣ - ٥٤.
(٢) شرح مسلم جـ ٥ ص ١٧٣.