وقال ابن مسعود رضي الله عنه: كان أحدنا إذا حفظ سورة من القرآن لم يخرج عنها إلى غيرها حتى يُحكِم علمها، أو يعرف حلالها وحرامها. أو كما قال. فأما غيرهم ممن تأخر بهم الزمان، فإن أكثرهم يقرؤون القرآن، ولا يفقهون، فقراؤهم كثير، والفقهاء منهم قليل.
انتهى كلام الخطابي رحمه الله تعالى (١).
قال الجامع عفا الله عنه: في الحديث حجة لمن قال: يقدم الأقرأ على الأفقه، وهو المذهب الراجح إذا كان يعرف أحكام الصلاة. وقال بعضهم: الأفقه مقدم على الأقرأ. وسيأتي تفاصيل المذاهب، وترجيح الراجح منها في المسائل، إن شاء الله تعالى.
(فإِن كانوا في القراءة سواء)"سواءً" خبر "كان" بمعنى مستوين، أي إن استووا في القدر المعتبر من القراءة؛ إما في حسنها، أو في كثرتها وقلتها على القولين (فأقدمهم في الهجرة) عطف على "أقرؤهم"، والفاء للترتيب، أي يؤم القوم أقدمهم في الهجرة. يعني أن الأسبق في الانتقال من بلد الكفر إلى بلد الإسلام، يكون أولى بالإمامة ممن تأخر في ذلك.
وإنما قُدِّمَ، إما لأن القِدَم في الهجرة شرف يقتضي التقديم، أو لأن من تقدمت هجرته لا يخلو غالباً عن كثرة العلم بالنسبة إلى من تأخر. قاله السندي.