للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

استخلف ابن أم مكتوم على المدينة، يصلي بالناس.

قال: وإباحة إمامة الأعمى كالإجماع من أهل العلم، وقد روينا عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه أمهم، وهو أعمى، وليس في قول أنس ابن مالك: وما حاجتهم إليه؟ نهياً عن إمامة الأعمى، فيكونَ اختلافاً. انتهى كلام ابن المنذر رحمه الله تعالى (١).

ونقل العلامة الشوكاني رحمه الله أنه قد صرح أبو إسحاق المروزي، والغزالي بأن إمامة الأعمى أفضل من إمامة البصير؛ لأنه أكثر خشوعاً من البصير، لما في البصير من شغل القلب بالمبصرات. ورجح بعضهم كون إمامة البصير أولى؛ لأنه أشد توقياً للنجاسة، والذي فهمه المارديني من نص الشافعي رحمه الله أن إمامة الأعمى والبصير سواء في عدم الكراهة؛ لأن في كل منهما فضيلة، غير أن إمامة البصير أفضل؛ لأن أكثر مَن جعله النبي -صلى الله عليه وسلم- إماماً البصراءُ، وأما استنابته -صلى الله عليه وسلم- لابن أم مكتوم رضي الله عنه في غزاته؛ فلأنه كان لا يتخلف عن الغزو من المؤمنين إلا معذور، فلعله لم يكن في البصراء المتخلفين من يقوم مقامه، أو لم يتفرغ لذلك، أو استخلفه لبيان الجواز. وأما إمامة عتبان ابن مالك رضي الله عنه لقومه فلعله أيضاً لم يكن في قومه من هو في مثل حاله من البصراء. انتهى (٢).


(١) الأوسط جـ ٤ ص ١٥٢ - ١٥٤.
(٢) انظر نيل الأوطار جـ ٤ ص ٥٨.