استووا، استووا، استووا) الخطاب للجماعة الحاضرين لأداء الصلاة معه -صلى الله عليه وسلم-، وإنما كرر الأمر ثلاث مرات تأكيدًا لشأن تسوية الصفوف (فوالذي نفسي بيده، إِني لأراكم من خلفي كما أراكم من بين يدي) الفاء تعليلية، وجملة "إن" جواب القسم، وجملة القسم تعليل للأمر، أي إنما أمرتكم بذلك لما علمت من حالكم من التقصير في ذلك، بسبب أني أراكم من خلفي … إلخ.
ويحتمل أنه قال ذلك تحريضاً للضعفاء على التسوية، بناء على إخلالهم بها بسبب الغَيبة عن نظره، إذ كثير من الضعفاء يهتمون في الحضور ما لا يهتمون في الغيبة. ويحتمل أن بعض المنافقين كانوا لا يهتمون بأمر الصفوف، فقيل لهم ليهتموا، ولا يُخلّوا بأمر الصفوف. والله أعلم. أفاده السندي رحمه الله تعالى (١).
وقد اختلصْ في معنى رؤيته -صلى الله عليه وسلم- من خلفه، فقيل: المراد بها العلم، إما بأن يوحى إليه كيفية فعلهم، وإما أن يلهم. وفيه نظر، لأن العلم لو كان مرادًا لم يقيده بقوله:"من وراء ظهري". وقيل: المراد أنه يرى مَنْ عن يمينه، ومن عن يساره، ممن تدركه عينه مع التفات يسير في النادر، ويوصف من هو هناك بأنه من وراء ظهره، وهذا ظاهر التكلف، وفيه عدول عن الظاهر بلا موجب.
قال في "الفتح" بعد ذكر هذه الأقوال: ما نصه: والصواب المختار أنه محمول على ظاهره، وأن هذا الإبصار إدراك حقيقي خاص به -صلى الله عليه وسلم-،