انخرقت له فيه العادة. وعلى هذا، عمل البخاري في "صحيحه"، حيث أخرج هذا الحديث في علامات النبوة. وكذا نقل عن الإمام أحمد وغيره.
وقال الزين ابن الْمُنَيِّر رحمه الله. لا حاجة إلى تأويله؛ لأنه في معنى تعطيل لفظ الشارع من غير ضرورة. وقال القرطبي رحمه الله: حملُه على ظاهره أولى، لأن فيه زيادة كرامة للنبي -صلى الله عليه وسلم-.
قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي صوبه في "الفتح"، واختاره، وعزاه إلى المحققين، كالإمام أحمد، وغيره، ومال إليه البخاري، وارتضاه ابن المنير، والقرطبي، من حمل الرؤية على حقيقتها بلا تأويل، هو المذهب الحق، الحقيق بالقبول، وما عداه رأي مبتذل، غير مقبول. والله تعالى أعلم.
وقال في "الفتح" أيضًا: ثم ذلك الإدراك يجوز أن يكون برؤية عينه، انخرقت له العادة فيه أيضًا، فكان يرى بها من غير مقابلة، لأن الحق عند أهل السنة أن الرؤية لا يشترط لها عقلاً عضو مخصوص، ولا مقابلة، ولا قرب، وإنما تلك الأمور عادية، ويجوز حصول الإدراك مع عدمها عقلاً، ولذلك حكموا بجواز رؤية الله تعالى في الدار الآخرة، خلافاً لأهل البدع، لوقوفهم مع العادة.
وقيل: كانت له عين خلف ظهره، يرى بها من ورائه دائمًا. وقيل: كانت بين كتفيه عينان مثل سم الخياط، يبصر بهما، ولا يحجبهما ثوب، ولا غيره. وقيل: بل كانت صورهم تنطبع في حائط قبلته، كما