اجتمع قوم لقيام الليل، فإن ذلك -وإن شق عليهم- فقد آثروه، ودخلوا عليه.
(الثاني) أن التطويل، والتخفيف من الأمور الإضافية، فقد يكون الشيء طويلاً بالنسبة إلى عادة قوم، وقد يكون خفيفًا بالنسبة إلى عادة آخرين. وقد قال بعض الفقهاء: إنه لا يزيد الإمام على ثلاث تسبيحات في الركوع، والسجود، والمروي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ذلك مع أمره بالتخفيف، فكأن ذلك؛ لأن عادة الصحابة -لأجل شدة رغبتهم في الخير- تقتضي أن لا يكون ذلك طويلاً، هذا إذا كان فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- عامًا في صلواته، أو أكثرها، وإن كان خاصًا ببعضها، فيحتمل أن يكون؛ لأن أولئك المأمومين يؤثرون التطويل، وهو متردد بين أن لا يكون تطويلاً بسبب ما يقتضيه حال الصحابة، وبين أن يكون تطويلاً، لكن بسبب إيثار المأمومين، وظاهر الحديث المروي لا يقتضي الخصوص ببعض صلاته -صلى الله عليه وسلم-. انتهى.
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى -كما نقله عنه الصنعاني في عدّته (١): إذا أمرهم بالتخفيف، وأمرهم أن يصلوا كصلاته في قوله:"صلوا كما رأيتموني أصلي" عُلم بالضرورة أن الذي كان يفعله هو الذي أمَرَ به، يوضح ذلك أنه ما من فعل في الغالب إلا ويسمى تخفيفًا بالنسبة إلى ما هو أطول منه، ويسمى تطويلاً بالنسبة إلى ما هو أخف