للتخفيف، وهي عندي غير مأمونة على أحد من أئمة الجماعة؛ لأنه وإن علم قوة من خلفه، فإنه لا يدري ما يحدث لهم من آفات بني آدم، ولذلك قال:"فإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء"؛ لأنه يعلم من نفسه ما لا يعلم من غيره، وقد يحدث للظاهر القوة، ومن يُعرَفُ منه الحرصُ على طول الصلاة حادثٌ من شغل، وعارضٌ من حاجة وآفةٌ، من حدث بول أو غيره. انتهى. وتبعه على ذلك ابن بطال، فذكر مثل هذا الكلام.
قال الحافظ ولي الدين: وهو ضعيف، فإن الاحتمال الذي لم يقم عليه دليل لا يترتب عليه حكم، فإذا انحصر المأمومون، ورضوا بالتطويل، لا نأمر إمامهم بالتخفيف لاحتمال عارض لا دليل عليه، وحديث أبي قتادة رضي الله عنه يرد على ما ذكراه، فإنه -صلى الله عليه وسلم- قال:"إني لأقوم في الصلاة، وأنا أريد أن أطول فيها، فأسمع بكاء الصبي فأتجوز، كراهية أن أشق على أمه". فإرادته -صلى الله عليه وسلم- أولاً التطويل يدلّ على جواز مثل ذلك، وما تركه إلا لدليل قام على تضرر بعض المأمومين به، وهو بكاء الصبي الذي يشغل خاطر أمه. والله أعلم. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: عندي هذا الذي قاله الحافظ ولي الدين رحمه الله تعالى حسن جدًّا. والله تعالى أعلم.
المسألة التاسعة: قال الإمام ابن حزم رحمه الله: حد التطويل: ما لم يخرج وقت الصلاة التي تلي التي هو فيها، ثم استدل على ذلك بأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى الظهر في الوقت الذي صلى فيه العصر