وقد استدل الخطابي في "المعالم" على الانتظار المذكور بحديث أنس في التخفيف عند سماع بكاء الصبي، فقال: فيه دليل على أن الإمام، وهو راكع إذا أحس بداخل يريد الصلاة معه كان له أن ينتظره راكعًا، ليدرك فضيلة الركعة في الجماعة؛ لأنه إذا كان له أن يحذف من طول الصلاة لحاجة إنسان في بعض أمور الدنيا كان له أن يزيد فيها لعبادة الله تعالى، بل هو أحق بذلك وأولى. وكذلك قال ابن بطال.
وتعقبهما ابن المنير، والقرطبي بأن التخفيف ينافي التطويل، فكيف يقاس عليه؟ قال ابن المنير: وفيه مغايرة للمطلوب؛ لأن فيه إدخال مشقة على جماعة لأجل واحد، وهذا لا يَرِدُ على أحمد، وإسحاق، لتقييدهما الجواز بعدم الضرر للمؤتمين، كما تقدم. وما قالاه هو أعدل المذاهب في المسألة، وبمثله قال أبو ثور. انتهى كلام الشوكاني رحمه الله تعالى (١).
قال الجامع عفا الله عنه: عندي ما قال أحمد، وإسحاق، وأبو ثور، ورجحه الشوكاني رحمهم الله هو الصواب، لحديث أبي قتادة رضي الله عنه المتقدم؛ ولأنه من التعاون على البر والتقوى الذي أمر الله به، فقال {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة: ٢].