وقال أبو بكر بن العربي: لا جواب لأصحابنا عن حديث مرض النبي -صلى الله عليه وسلم- يخلص عند السبك، واتباع السنة أولى، والتخصيص لا يثبت بالاحتمال. قال: إلا أني سمعت بعض الأشياخ يقول: الحال أحد وجوه التخصيص، وحال النبي -صلى الله عليه وسلم-، والتبرك به، وعدم العوض عنه يقتضي الصلاة معه على آية حال كان عليها، وليس ذلك لغيره. وأيضًا فنقص صلاة القاعد عن القائم لا يتصور في حقه، ويتصور في حق غيره.
والجواب عن الأول: رده بعموم قوله -صلى الله عليه وسلم-: "صلوا كما رأيتموني أصلي". وعن الثاني: بأن النقص إنما هو في حق القادر في النافلة، وأما المعذور في الفريضة فلا نقص في صلاته عن القائم.
واستدل بحديث الباب أيضًا على نسخ الأمر بصلاة المأموم قاعدًا إذا صلى الإِمام قاعدًا؛ لكونه -صلى الله عليه وسلم- أقر الصحابة على القيام خلفه، وهو قاعد، هكذا قرره الشافعي، وكذا نقله البخاري عن شيخه الحميدي، وهو تلميذ الشافعي، وبذلك يقول أبو حنيفة، وأبو يوسف، والأوزاعي، وحكاه الوليد بن مسلم عن مالك، وأنكر أحمد نسخ الأمر المذكور بذلك، وجمع بين الحديثين بتنزيلهما على حالتين:
إِحداهما: إذا ابتدأ الإِمام الراتب الصلاة قاعدًا لمرض يُرجى برؤه، فحينئذ يصلون خلفه قعودًا.
ثانيتهما: إذا ابتدأ الإِمام الراتب قائمًا، لزم المأمومين أن يصلوا خلفه قيامًا، سواء طرأ ما يقتضي صلاة إمامهم قاعدًا، أم لا، كما في