للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واحتج أيضًا بأنه -صلى الله عليه وسلم- إنما صلى بهم قاعدًا؛ لأنه لا يصح التقدم بين يديه لنهي الله عن ذلك، ولأن الأئمة شفعاء، ولا يكون أحد شافعًا له، وتعقب بصلاته -صلى الله عليه وسلم- خلف عبد الرحمن بن عوف، وهو ثابت بلا خلاف.

وصح أيصًا أنه صلى خلف أبي بكر كما قدمناه، والعجب أن عمدة مالك في منع إمامة القاعد قول ربيعة: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان في تلك الصلاة مأمومًا خلف أبي بكر، وإنكاره أن يكون -صلى الله عليه وسلم- أم في مرض موته قاعدًا، كما حكاه عنه الشافعي في "الأم"، فكيف يدعي أصحابه عدم تصوير أنه صلى مأمومًا، وكأن حديث إمامته المذكور لما كان في غاية الصحة، ولم يمكنهم رده سلكوا في الانتصار وجوهاً مختلفة، وقد تبين بصلاته خلف عبد الرحمن بن عوف أن المراد بمنع المتقدم بين يديه في غير الإمامة، وأن المراد بكون الأئمة شفعاء، أي في حق من يحتاج إلى الشفاعة.

ثم لو سلم أنه لا يجوز أن يؤمه أحد، لم يدل ذلك على منع إمامة القاعد، وقد أم قاعدًا جماعة من الصحابة بعده -صلى الله عليه وسلم-؛ منهم: أسيد بن حضير، وجابر، وقيس بن قهد، وأنس بن مالك، والأسانيد عنهم بذلك صحيحة، أخرجها عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وغيرهم، بل ادعى ابن حبان، وغيره إجماع الصحابة على صحة إمامة القاعد، كما سيأتي.