فالتفت إلينا، فرآنا قيامًا، فأشار إلينا، فقعدنا، فلما سلم قال:"إن كدتم لتفعلون فعل فارس والروم، فلا تفعلوا … " الحديث.
وهو حديث صحيح أخرجه مسلم، لكن ذلك لم يكن في مرض موته، وإنما كان ذلك حيث سقط عن الفرس، كما في رواية أبي سفيان، عن جابر أيضًا، قال:"ركب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرسًا بالمدينة، فصرعه على جذع نخلة، فانفكت قدمه … " الحديث. أخرجه أبو داود، وابن خزيمة بإسناد صحيح، فلا حجة على هذا لما ادعاه، إلا أنه تمسك بقوله في رواية أبي الزبير:"وأبو بكر يسمع الناس التكبير"، وقال: إن ذلك لم يكن إلا في مرض موته؛ لأن صلاته في مرضه الأول كانت في مشربة عائشة، ومعه نفر من أصحابه لا يحتاجون إلى من يسمعهم تكبيره، بخلاف صلاته في مرض موته، فإنها كانت في المسجد، بجمع كثير من الصحابة، فاحتاج أبو بكر أن يسمعهم. انتهى.
ولا راحة له فيما تمسك به؛ لأن إسماع التكبير في هذا لم يتابع أبا الزبير عليه أحد، وعلى تقدير أنه حفظه، فلا مانع أن يسمعهم أبو بكر التكبير في تلك الحالة؛ لأنه يحتمل على أن صوته -صلى الله عليه وسلم- كان خفيًا من الوجع، وكان من عادته أن يجهر بالتكبير، فكان أبو بكر يجهر عنه بالتكبير لذلك، ووراء ذلك كله أنه أمر محتمل لا يترك لأجله الخبر الصريح بأنهم صلوا قيامًا، كما تقدم في مرسل عطاء وغيره، بل في مرسل عطاء أنهم استمروا قيامًا إلى أن انقضت الصلاة.