للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نعم وقع في مرسل عطاء المذكور متصلاً به بعد قوله: وصلى الناس وراءه قيامًا، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت، ما صليتم إلا قعودًا، فصلوا صلاة إمامكم ما كان، إن صلى قائمًا، فصلوا قيامًا، وإن صلى قاعدًا، فصلوا قعودًا".

وهذه الزيادة تقوي ما قال ابن حبان أن هذه القصة كانت في مرض موت النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويستفاد منها نسخ الأمر بوجوب صلاة المأمومين قعودًا إذا صلى إمامهم قاعدًا؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- يأمرهم في هذه المرة الأخيرة بالإعادة، لكن إذا نسخ الوجوب يبقى الجواز، والجواز لا ينافي الاستحباب، فيحمل أمره الأخير أن يصلوا قعودًا على الاستحباب؛ لأن الوجوب قد رفع بتقريره لهم، وترك أمرهم بالإعادة. هذا مقتضى الجمع بين الأدلة. وبالله التوفيق، والله أعلم. انتهى كلام الحافظ المحقق رحمه الله تعالى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله الحافظ رحمه الله تعالى أخيرًا، جمع حسن جدًّا، وهو يدلس على إنصاف الحافظ المحقق رحمه الله تعالى، مع أن المذهب الشافعي بخلافه، وهذا هو الذي يجب على كل مسلم عرف صحيح الأحاديث من سقيمها، وعرف وجه الجمع بين متعارضها أن يتعصب لرأي بعض الناس، فيتكلف، بتأويل ما لا يقبل التأويل، وهو صرف ظواهر الأحاديث عن مقتضاها بلا دليل،


(١) فتح جـ ٢ ص ٤٠٢ - ٤٠٥.