للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عقوبة المسلمين بذلك.

وأجيب بأن المنع وقع بعد نسخ التعذيب بالنار، وكان قبل ذلك جائزًا بدليل حديث أبي هريرة رضي الله عنه الآتي في الجهاد (١) الدال على جواز التحريق بالنار، ثم على نسخه، فحمل التهديد على حقيقته غير ممتنع.

ومنها:-وهو خامسها-: كونه -صلى الله عليه وسلم- ترك تحريقهم بعد التهديد، فلو كان واجبًا ما عفا عنهم. قال القاضي عياض ومن تبعه: ليس في الحديث حجة لأنه عليه السلام هَمَّ ولم يفعل، زاد النووي: ولو كانت فرض عين لما تركهم، وتعقبه ابن دقيق العيد، فقال: هذا ضعيف؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- لا يَهُمّ إلا بما يجوز له فعله لو فعله، وأما الترك فلا يدل على عدم الوجوب، لاحتمال أن يكونوا انزجروا بذلك، وتركوا التخلف الذي ذمهم بسببه، على أنه قد جاء في بعض الطرق بيان سبب الترك، وهو فيما رواه أحمد من طريق سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ: "لولا ما في البيوت من النساء والذرية لأقمت العشاء، وأمرت فتياني يحرقون" … الحديث.


(١) وهو حديث سليمان بن يسار، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بعثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بعث، فقال: "إن وجدتم فلانًا وفلانًا، فأحرقوهما بالنار، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين أردنا الخروج: "إني أمرتكم أن تحرقوا فلانًا، وفلانًا، وإن النار لا يعذب بها إلا الله، فإن وجدتموهما فاقتلوهما". انتهى "صحيح البخاري" بنسخة "الفتح" جـ ٦ ص ٢٥٨.