للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وذلك أنه إذا فعل ذلك لم يأمن أن يبرز من فيه الريق، فيخالط الماء فيعافه الشارب، وربما يروح بنكهة المتنفس، إذا كانت فاسدة، والماء للطفه ورقّة طبعه تسرع إليه الروائح، ثم إنه يعد من فعل الدواب، إذا كرعت في الأواني جرعت، ثم تنفست فيها، ثم عادت فشربت، وإنما السنة أن يشرب الماء في ثلاثة أنفاس كلما شرب نفسًا من الماء نحاه عن فمه، ثم عاد مصّا له غير عبٍّ إلى أن يأخذ ريه منه، والتنفس خارج الإناء أحسن في الأدب، وأبعد عن الشره، وأخف للمعدة، وإذا تنفس فيه تكاثر الماء في حلقه، وأثقل معدته، وربما شرق، وآذى كبده، وهو فعل البهائم، وقد قيل: إن في القلب بابين يدخل النفس من أحدهما ويخرج من الآخر، فيلقي ما على القلب من هم أو قذى، ولذلك لو احتبس النفس ساعة هلك الآدمي، ويخشي من كثرة التنفس في الإناء أن يصحبه شيء مما في القلب، فيقع في الماء، ثم يشربه فيتأذى به، وقيل: علة الكراهة أن كل عَبَّة شَرْبَة مستأنفة، فيستحب الذكر في أولها، والحمد في آخرها، فإذا وصل، ولم يفصل بينهما فقد أخل بعدة سُنَن.

فإن قلت: لم يُبَيَّن في الحديث عدد التنفس خارج الإناء غاية ما في الباب أنه نهى عن التنفسى فيها، قلت: قد بينه في الحديث الآخر بالتثليث.

وقد اختلف العلماء في أي هذه الأنفاس الثلاثة أطول على قولين:

أحدهما: الأول.

والثاني: أن الأول أقصر والثاني أزيد منه.

والثالث أزيد منهما، فيجمع بين السنة والطب؛ لأنه إذا شرب قليلا قليلا وصل إلى جوفه من غير إزعاج، ولهذا جاء في الحديث "مصُّوا