للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وتأييده بحديث عتبان ليس كما ينبغي؛ إذ حديثه نص في تحقق عذره، فقد تقدم بالرقم المذكور أنه قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: يا رسول الله؛ إن السيول لتحول بيني وبين مسجد قومي … فهذا عذر قائم، وأما الأعمى المذكور فعذره هو العمى، ومعلوم أن كثيرًا من العميان لا يشق عليهم المشي إلى المساجد، كما هو مشاهد، وهذا الأعمى منهم، بدليل أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يرخص له، مع كونه رخص لكثير من أصحاب الأعذار، كعتبان، وكمن حضر لديه طعام، وكمن يدافعه الأخبثان، وفي حالة وجود الأمطار. كما يأتي في الباب التالي إن شاء الله تعالى.

والحاصل أن حديث الباب دليل واضح على فرضية الجماعة لمن لا عذر له، وأن مجرد العمى ليس عذرًا يسقط الجماعة. والله تعالى أعلم.

وقال النووي رحمه الله أيضًا: وأما ترخيص النبي -صلى الله عليه وسلم- له، ثم رده، وقوله: "فأجب" فيحتمل أنه بوحي نزل في الحال، ويحتمل أنه تغير اجتهاده -صلى الله عليه وسلم-، إذا قلنا بالصحيح، وقول الأكثر: إنه يجوز له الاجتهاد، ويحتمل أنه رخص له أوّلاً، وأراد أنه لا يجب عليك الحضور، إما لعذر، وإما لأن فرض الكفاية حاصل بحضور غيره، وإما للأمرين، ثم ندبه إلى الأفضل، فقال: الأفضل لك، والأعظم لأجرك أن تجيب، وتحضر، فأجب. والله أعلم. انتهى (١).


(١) شرح مسلم جـ ٥ ص ١٥٥.