للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أبي هريرة، وابن عباس رضي الله عنهما: "أنهما كانا يأكلان طعامًا، وفي التنور شواء، فأراد المؤذن أن يقيم، فقال له ابن عباس: لا تعجل لئلا نقوم وفي أنفسنا منه شيء". وفي رواية ابن أبي شيبة: "لئلا يعرض لنا في صلاتنا"، وله عن الحسن بن علي، قال: "العشاء قبل الصلاة يذهب النفس اللوّامة".

وفي هذا كله إشارة إلى أن العلة في ذلك تشوف النفس إلى الطعام، فيبنغي أن يدار الحكم مع علته وجودًا وعدمًا، ولا يتقيد بكل، ولا بعض، ويستتنى من ذلك الصائم، فلا تكره صلاته بحضرة الطعام، إن الممتنع بالشرع لا يشغل العاقل نفسه به، لكن إذا غلب استحب له التحول من ذلك المكان. انتهى "فتح" (١).

قال الجامع عفا الله عنه: الأولى تعميم الحكم فيمن بدأ بالأكل، ومن لم يبدأ به، لقوله -صلى الله عليه وسلم- فيما أخرجه الشيخان: "إذا وضع عشاء أحدكم، وأقيمت الصلاة، فابدؤوا بالعشاء، ولا يعجل حتى يفرغ منه". وقوله: "إذا كان أحدكم على الطعام، فلا يعجل حتى يقضي حاجته منه، وإن أقيمت الصلاة"، فهذا نص واضح فيمن بدأ، ومن لم يبدأ، فتبصر. والله تعالى أعلم.

فائدتان:

الأولى: قال ابن الجوزي رحمه الله: ظن قوم أن هذا من باب تقديم حق العبد على حق الله، وليس كذلك، وإنما هو صيانة لحق


(١) جـ ٢ ص ٣٨٤ - ٣٨٥.