فأحسن الوضوء، ثم قال: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- توضأ، وهو قاعد في هذا المجلس، فأحسن الوضوء، ثم قال:"من توضأ مثل هذا الوضوء، ثم أتى المسجد، فركع فيه ركعتين، ثم جلس، غفر له ما تقدم من ذنبه". قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تغتروا"(١).
(ثم مشى إِلى الصلاة المكتوبة، فصلاها مع الناس، أو مع الجماعة، أو في المسجد) الظاهر أن "أو" الأولى للشك من الراوي، والثانية للتنويع، ومن هنا يظهر مطابقة الحديث لترجمة المصنف رحمه الله تعالى؛ لأن المراد بمن صلى في المسجد، هو الذي صلى وحده بعد صلاة الناس جماعة، فقد حصلت له المغفرة مثل ما حصل لمن صلى بالجماعة، فيكون حد إدراك فضل الجماعة لمن لم يدركها هو الصلاة في المسجد. والله تعالى أعلم.
(غفر له ذنوبه) وفي رواية مسلم: "غفر الله ذنوبه". وفي رواية له من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن حمران:"لا يتوضأ رجل مسلم، فيحسن الوضوء، فيصلي صلاة، إلا غفر له ما بينه وبين الصلاة التي تليها". أي التي سسقتها. وفيه تقييد لما أطلق في قوله في الرواية الأخرى:"غفر له ما تقدم من ذنبه"، وأن المتقدم خاص بالزمان الذي بين الصلاتين، وأصرح منه رواية أبي صخرة، عن حمران، عند مسلم أيضًا: "ما من مسلم يتطهر، فيتم الطهور الذي كتب الله عليه،
(١) صحيح البخاري بنسخة الفتح، طبعة دار الفكر جـ ١٣ ص ٢٨ - ٢٩.