من باب إطلاق الجزء على الكل حق، فيكون مجازًا، لكن لا يلزم من ذلك أن يكون مجازًا في الشرع، وكافة الحقائق الشرعية -أعني الألفاظ التي نقلها الشارع عن معانيها اللغوية إلى معان شرعية -بين معانيها الشرعية ومعانيها اللغوية علاقات مجازية، كالإيمان، والصلاة، والزكاة، والصيام، وغيرها.
وأما تلك الأحاديث التي ذكرها الشيخ، فالأولان لم يثبتا كما مر، ومع ذلك، فالقرينة فيهما قائمة، وهي في الأول قوله:"إذا جئتم إلى الصلاة، ونحن سجود فاسجدوا، ولا تعدوها شيئًا"، وفي الثاني قوله:"قبل أن يقيم الإِمام صلبه"، فكل من هاتين العبارتين يقتضي أن تكون كلمة "ركعة" في بقية الحديث مرادًا بها الركوع، فلولا هذا الاقتضاء لما سلمنا أن الركعة في الحديثين عبارة عن الركوع، على أننا إنما نسلم ذلك على فرض صحة الزيادة المقتضية، فأما إذا أبطلناها فلا، كما تقدم.
والقراءة في حديث البراء في قوله:"قيامه كركعته" إنه من الممتنع أن يكون القيام وحده مساويًا لما يشمله، ويشمل الركوع والاعتدال والسجدتين والجلسة بينهما، ضرورة أن الجزء لا يساوي الكل. وأما قوله فيه:"واعتداله في الركعة كسجدته" فالقرينة فيه أنه يظهر أن تعريف الركعة للعهد الذكري، وبذلك تكون الثانية عين الأولى، ويساعد ذلك قوله:"واعتداله"، ومع هذا فليس هذا اللفظ في