للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مبالغة الفعل، نحو رجل غضبان، للرجل الممتلىء غضبًا، وفعيل قد يكون بمعنى الفاعل والمفعول. قال أبو علي الفارسي: "الرحمن" عام في جميع أنواع الرحمة، يختص به الله تعالى، و"الرحيم" إنما هو من جهة المؤمنين، قال الله تعالى: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب: ٤٣] (١).

وقال أيضا: وصف نفسه تعالى بعد {رَبِّ الْعَالَمِينَ} بأنه {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} لأنه لما كان في اتصافه بـ {رَبِّ الْعَالَمِينَ} ترهيب قَرَنَه بـ {الرَّحْمَنِ الرَحِيمِ} لما تضمن من الترغيب، ليجمع في صفته بين الرهبة منه، والرغبة إليه، فيكون أعون على طاعته، وأمنع، كما قال: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (٥٠)} [الحجر: ٤٩ - ٥٠] , وقال: {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ} [غافر: ٣]. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنته أحد، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قَنِطَ من جنته أحد". انتهى كلام القرطبي بنوع تصرف (٢).

(يقول الله عز وجل: أثنى علي عبدي) حيث اعترف لي بعموم الإنعام على خلقي. (يقول العبد: ({مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}) أي يوم الجزاء

بالثواب للطائعين، والعقاب للعاصين، وهو يوم القيامة، وخص يوم


(١) تفسير القرطبي باختصار جـ ١ ص ١٠٦.
(٢) المصدر السابق جـ ١ ص ١٣٩.