للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الإمام أبو جعفر الطبري رحمه الله: تأويل قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}: لك اللهم نخشع، ونذل، ونستكين، إقرار لك يا ربنا بالربوبية، لا لغيرك. ومعنى قوله: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}: وإياك ربنا نستعين على عبادتنا إياك، وطاعتنا لك، وفي أمورنا كلها، لا أحد سواك، إذ كان من يكفر بك يستعين في أموره معبوده الذي يعبده من الأوثان دونك، ونحن بك نستعين في جميع أمورنا مخلصين لك العبادة. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: في هذه الآية التفات من الغيبة إلى الخطاب، ووجه حسنه فيها أن الكلام إذا نقل من أسلوب إلى أسلوب

كان أحسن تجديدًا لنشاط السامع، وكان أكثر إيقاظًا للإصغاء إليه.

وألطفُ من ذلك أن العبد إذا ذكر الحقيقَ بالحمد عن قلب حاضر يجد من نفسه محركًا للإقبال عليه، وكلما أجرَى عليه صفةً من تلك الصفات العظام قَويَ ذلك المحرك إلى أن يؤول الأمر إلى خاتمة تلك الصفات المفيدة أنه مالك الأمر كله يوم الجزاء، فحينئذ يوجب الإقبال عليه، والخطاب بتخصيصه بغاية الخضوع، والاستعانة في المهمات. أفاده بعض المحققين (٢).


(١) تفسير ابن جرير الطبري جـ ١ ص ٦٩.
(٢) وهو العلامة محمد بن عبد الرحمن القزويني، صاحب "تلخيص المفتاح" في علوم البلاغة جـ ١ ص ٤٧١ - ٤٧٥. بنسخة حاشية الدسوقي.