للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله: لما تقدم الثناء على المسؤول تبارك وتعالى ناسب أن يعقب بالسؤال، كما قال: "فنصفها لي، ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل"، وهذا أكمل أحوال السائل أن يمدح مسؤوله، ثم يسأل حاجته، وحاجة إخوانه المؤمنين بقوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: ٦] لأنه أنجح للحاجة، وأنجع للإجابة، ولهذا أرشد الله إليه؛ لأنه الأكمل، وقد يكون السؤال بالإخبار عن حال السائل، واحتياجه، كما قال موسى عليه السلام: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص: ٢٤]، وقد يتقدمه مع ذلك وصف مسؤول، كقول ذي النون: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: ٨٧]، وقد يكون بمجرد الثناء على السؤول، كقول الشاعر [من الطويل]:

أَأَذْكُرُ حَاجَتِي أَمْ قَدْ كَفَانِي … حِبَاؤُكَ إن شِيمَتَكَ الْحِبَاءُ

إذَا أَثْنَى عَلَيْكَ الْمَرْءُ يَوْمَا … كفَاهُ مِنْ تَعَرُّضكَ الثَّنَاءُ

والهداية ها هنا الإرشاد والتوفيق، وقد تعدى الهداية بنفسها، كما هنا، وقد تعدى بـ"إلى"، كقوله تعالى: {اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [النحل: ١٢١]، وقد تعدى باللام، كقوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا} [الأعراف: ٤٣].

وأما الصراط المستقيم، فقال أبو جعفر بن جرير: أجمعت الأمة من أهل التأويل جميعًا على أن الصراط المستقيم هو الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه، وذلك في لغة جميع العرب، فمن ذلك قول جرير بن