والثاني: -وهو الأصح- أنه لا فرق بين الفاتحة وغيرها في ذلك، وأن قراءتها قي أول الفاتحة كقراءتها في أول السور، والأحاديث
الصحيحة توافق هذا القول.
وحينئذ الأقوال في قراءتها في الصلاة أيضا ثلاثة:
أحدها: أنها واجبة وجوب الفاتحة، كمذهب الشافعي، وإحدى الروايتين عن أحمد، وطائفة من أهل الحديث، بناء على أنها من
الفاتحة.
والثاني: أنها مكروهة سرًّا وجهرًا، وهو المشهور عن مالك.
والثالث: أنها جائزة، بل مستحبة، وهو مذهب أبي حنيفة، والمشهور عن أحمد، وأكثر أهل الحديث. ثم مع قراءتها هل يسن
الجهر بها، أولا؟ فيه ثلاثة أقوال:
أحدهما: يسن الجهر، وبه قال الشافعي، ومن وافقه.
والثاني: لا يسن، وبه قال أبو حنيفة، وجمهور أهل الحديث، والرأي، وفقهاء الأمصار، وجماعة من أصحاب الشافعي. وقيل: يتخير بينهما، وهو قول إسحاق بن راهويه، وابن حزم، وكان بعض العلماء (١) يقول بالجهر سدًّا للذريعة، قال: ويسوغ للإنسان أن يترك الأفضل لأجل تأليف القلوب، واجتماع الكلمة، خوفًا من التنفير، كما
(١) هو شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في "الفتاوى الكبرى" جـ ١ ص ٨٦ - ٨٧.