والضعيف كما عرفت، وقد عارضتها الأحاديث الدالة على ترك البسملة التي قدمناها، وقد حملت روايات حديث أنس السابقة على ترك الجهر، لا ترك البسملة مطلقًا، لما في تلك الرواية التي قدمناها في حديثه بلفظ:"فكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم"، وكذلك حملت رواية حديث عبد الله بن مغفل، وغيرهما حملًا لما أطلقته أحاديث نفي قراءة البسملة على تلك الرواية المقيدة بنفي الجهر فقط، وإذا كان محصل أحاديث نفي البسملة هو نفي الجهر بها، فمتى وجدت رواية فيها إثبات الجهر قدمت على نفيه.
قال الحافظ: لا بمجرد تقديم رواية المثبت على النافي، لأن أنسًا يبعد جدّا أن يصحب النبي - صلى الله عليه وسلم - مدة عشر سنين، ويصحب أبا بكر، وعمر، وعثمان خمسًا وعشرين سنة، فلا يسمع منهم الجهر بها في صلاة واحدة، بل لكون أنس اعترف بأنه لا يحفظ هذا الحكم، كأنه لبعد عهده به لم يذكر منه الجزم بالافتتاح بالحمد لله جهرًا، فلم يستحضر الجهر بالبسملة، فيتعين الأخذ بحديث من أثبت الجهر. اهـ.
ويؤيد ما قاله الحافظ من عدم استحضار أنس لذلك ما أخرجه الدارقطني عن أبي سلمة، قال: سألت أنس بن مالك: "أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستفتح بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، أو بـ"بسم الله الرحمن الرحيم"؟ فقال: إنك سألتني عن شيء ما أحفظه، وما سألني عنه أحد قبلك، فقلت: أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي في النعلين؟ قال: