قال الجامع عفا الله عنه: فيما قاله الحافظ من تقديم أحاديث الجهر نظر، وقد تقدم الكلام عليه. والله تعالى أعلم.
وقال الحازمي رحمه الله بعد ذكر الاختلاف في أحاديث أنس رضي الله عنه، وأنها كلها صحيحة مخرجة في كتب الأئمة، ما نصه: وغير مستبعد وقوع الاختلاف في مثل ذلك، وكم من شخص يتغافل عن أمر هو من لوازمه حتى لا يلقي إليه بالًا البتة، ويتنبه لأمر ليس من لوازمه، ويلقي إليه باله بالكلية، ومن أعجب ما اتفق لي أني دخلت جامعًا في بعض البلاد لقراءة شيء من الحديث، فحضر إليّ جماعة من أهل العلم، من المواظبين على الجماعة في الجامع، وكان إمامهم صَيّتًا يملأ الجامع صوته، فسألتهم عنه، هل كان يجهر بـ "بسم الله الرحمن الرحيم" أو يخفيها؟، فاختلفوا عليّ في ذلك، فقال بعضهم: يجهر بها، وقال بعضهم: يخفيها، وتوقف آخرون. قال: والحق أن كل من ذهب إلى أي من هذه الروايات فهو متمسك بالسنة. والله أعلم انتهى (١).
وقال الشوكاني رحمه الله: ولكنه لا يخفى عليك أن هذه الأحاديث التي استدل بها القائلون بالجهر، منها ما لا يدل على
(١) اهـ كلام الحازمي في "الناسخ والمنسوخ" منقولًا عن "نصب الراية" جـ ١ ص ٣٦٣.