المطلوب، وهو ما كان فيه ذكر أنها آية من الفاتحة، أو ذكر القراءة لها، أو ذكر الأمر بقراءتها من دون تقييد بالجهر بها في الصلاة؛ لأنه لا ملازمة بين ذلك وبين المطلوب، وهو الجهر بها في الصلاة، وكذا ما كان مقيدًا بالجهر بها دون ذكر الصلاة؛ لأنه لا نزاع في الجهر بهما خارج الصلاة.
فإن قلت: أما ذكر أنها آية، أو ذكر الأمر بقراءتها بدون تقييد بالجهر، فعدم الاستلزام مسلم، وأما ذكر قراءته - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة لها فالظاهر أنه يستلزم الجهر، لأن الطريق إلى نقله إنما هو السماع، وما يسمع جهر، وهو المطلوب.
قلت: يمكن أن يكون الطريق إلى ذلك إخباره - صلى الله عليه وسلم - أنه قرأ بها في الصلاة، فلا ملازمة، والذي يدل على المطلوب منها هو ما صرح فيه بالجهر بها في الصلاة، وهي أحاديث لا ينتهض الاحتجاج بها كما عرفت، ولهذا قال الدارقطني: إنه لم يصح في الجهر بها حديث. ولو سلمنا أن ذكر القراءة في الصلاة يستلزم الجهر بها لم يثبت بذلك مطلوب القائلين بالجهر؛ لأن أنهض الأحاديث الواردة بذلك حديث أبي هريرة المتقدم، وقد تعقب باحتمال أن يكون أبو هريرة أشبههم صلاة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في معظم الصلاة، لا في جميع أجزائها، على أنه قد رواه جماعة عن نعيم، عن أبي هريرة، بدون ذكر البسملة، كما قال الحافظ في "الفتح".