قال العلامة السندي رحمه الله: ليس معناه: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب في عمره قط، أو لمن لم يقرأ في شيء من الصلوات قط، حتى لا يقال: لازم الأول افتراض الفاتحة في عمره مرة ولو خارج الصلاة، ولازم الثاني افتراضها مرة في صلاة من الصلوات، فلا يلزم منه الافتراض لكل صلاة، وكذا ليس معناه لا صلاة لمن ترك الفاتحة، ولو في بعض الصلوات، إذ لازمه أنه بترك الفاتحة في بعض الصلوات تفسد الصلوات كلها، ما ترك فيها، وما لم يترك فيها، إذ كلمة "لا" لنفي الجنس، ولا قائل به، بل معناه: لا صلاة لمن لم يقرأ بالفاتحة من الصلوات التي لم يقرأ فيها، فهذا عموم محمول على الخصو بشهادة العقل، وهذا الخصوص هو الظاهر المتبادر إلى الأفهام من مثل هذا العموم، وهذا الخصوص لايضر بعموم النفي للجنس، لشمول النفي بعدُ لكل صلاة ترك فيها الفاتحة، وهذا يكفي في عموم النفي.
ثم قد قرروا أن النفي لا يعقل إلا مع نسبة بين أمرين، فيقتضي نفي الجنس أمرًا مستندًا إلى الجنس ليتعقل النفي مع نسبته، فإن كان ذلك الأمر مذكورًا في الكلام فذاك، وإلا يقدر من الأمور العامة، كالكون، والوجود.
أما الكمال، فقد حقق الكمال (١) ضعفه؛ لأنه مخالف للقاعدة، لا يصار إليه إلا بدليل، والوجود في كلام الشارع يحمل على الوجود الشرعي دون الحسي، فمفاد الحديث نفي الوجود الشرعي للصلاة التي
(١) يريد به الكمال بن الهمام، صاحب "فتح القدير شرح الهداية" في الفقه الحنفي.