رحمه الله من بطلان صلاة من لم يقرأ بفاتحة الكتاب عملًا بالأحاديث الصحيحة حسن جدًّا، وهو يدل على إنصافه، وبُعده عن التعصب المذهبي الذي يغطي كثيرًا من الحق، وهذا أمر نادر عند المذهبيين، ولا سيما الذين ينتسبون إلى مذهبه، فإن هذه المسألة، وأشباهها مما زلت فيه أقدام الذين يُظَنُّ فيهم البراعة والتقدم في المذهب، بل وفي سائر العلوم.
غير أن قوله: نعم يمكن أن يقال: قراءة الإمام قراءة المقتدي .. إلخ، فيه نظر، فإن الأحاديث الواردة فيه غير ثابتة، فلا تصلح لتخصيص عموم:"لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"، وعلى تقدير صحتها تحمل على ما عدا الفاتحة. وسيأتي تحقيق ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى.
وقال القاضي عياض رحمه الله تعالى: قيل: يحمل على نفي الذات وصفاتها، لكن الذات غير منتفية، فيخص بدليل خارج، ونوزع في تسليم عدم نفي الذات على الإطلاق؛ لأنه إن ادعى أن المراد بالصلاة معناها اللغوي فغير مسلم؛ لأن ألفاظ الشارع محمولة على عرفه؛ لأنه المحتاج إليه فيه لكونه بعث لبيان الشرعيات، لا لبيان موضوعات اللغة، وإذا كان المنفي الصلاة الشرعية استقام دعوى نفي الذات، فعلى هذا لا يحتاج إلى إضمار الإجزاء، ولا الكمال؛ لأنه يؤدي إلى الإجمال، كما نقل عن القاضي أبي بكر وغيره حتى مال إلى التوقف؛ لأن نفي الكمال يشعر بحصول الإجزاء، فلو قدر الإجزاء