(وخواتيم سورة البقرة) جمع خاتمة، أي أواخرها، وهي من قوله تعالى:{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ} إلى آخر السورة (لم تقرأ حرفًا منهما) أي فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة. قال السندي رحمه الله: أي مما فيه من الدعاء (إِلا أعطيته) أي أعطيت مقتضاه، من العون، والهداية إلى الصراط المستقيم، في الفاتحة، ومن المغفرة، وعدم المؤاخذة في النسيان، والخطأ، وعدم تحميل الإصر، وما لا يطاق، والعفو، والرحمة، والنصر على الكفار، في خواتيم سورة البقرة.
ثم إن هذا العطاء ليس خاصًا به - صلى الله عليه وسلم -، بل يعم أمته أيضًا بسببه، فقد تقدم حديث أبي هريرة رضي الله عنه:"قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل"، فإنه عام لكل مصل.
وقد أخرج مسلم في صحيحه من حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية: {إِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} قال: دخل قلوبهم منها شيء، لم يدخل قلوبهم من شيء، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "قولوا: سمعنا، وأطعنا، وسلمنا" قال: فألقى الله الإيمان في قلوبهم، فأنزل الله تعالى:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} قال: "قد فعلت"{رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} قال: "قد فعلت"{وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا} قال: "قد فعلت".